مقدمة:
إن إنتاج علماء العرب والمسلمين الضخم في مجال العلوم الرياضية يوضح تمامًا المكانة العظيمة التي وصلت إليها الحضارة العربية والإسلامية، ولا شك أن لعلماء العرب والمسلمين في هذا الحقل أثرًا لا ينكر شأنه وقدره في قيام المدنية الحديثة التي ما كان لها أن تشب وتزدهر في بلاد الغرب لو لم تعتمد على أساس قوي من هذا التراث.
فتح علماء العرب والمسلمين في ميدان العلوم الرياضية بحنكة وذكاء خارقين قلوبهم وعقولهم لإنتاج الأمم السابقة لهم في هذا الحقل الحيوي، لذا تمكنوا وبجدارة مرموقة من صهر هذه الإسهامات مع إسهاماتهم في بوتقة واحدة ليقدموا للإنسانية حضارة عربية وإسلامية متكاملة.
ومما تجدر الإشارة إليه أن علماء العرب والمسلمين في العلوم الرياضية اعتمدوا على الملاحظة والقيام بالتجارب والقياسات فشككوا في الكثير من نظريات قدماء اليونان الخاطئة وعدلوها، وبذلك افتتحوا الطريقة العلمية الحديثة في التفكر والبحث لمعرفة النظريات الرياضية.
لقد ظهر في صدر الإسلام ـ في عصر الدولة العباسية ـ جمهرة من العلماء البارزين في العلوم الرياضية، ومنهم عالمنا (محمد بن موسى الخوارزمي).
التعريف بالشخصية العالمة:
هو محمد بن موسى (ابو جعفر)الخوارزمي القرطبلي عالم عراقي مسلم ، أصله من خوارزم ، عاصر المأمون, عاش في بغداد فيما بين 164 ـ 235 هجرية (850,780م) وتوفي ـ رحمه الله ـ هناك، وقد برز في زمن خلافة المأمون، ولمع في علم الرياضيات والفلك حتى عينه المأمون رئيسًا لبيت الحكمة فأصبح من العلماء الموثوق بهم,أقام في بغداد حيث ذاع اسمه وانتشر صيته بعدما برز في الفلك و الرياضيات.
نشأته:
حسب بعض الروايات فقد أنتقلت عائلته من مدينة خوارزم (والتي تسمى ’’خيوا‘‘ في العصر الحالي، في جمهورية أوزبكستان) إلى بغداد في العراق، والبعض ينسبه للعراق فقط. أنجز الخوارزمي معظم أبحاثه بين عامي 813 و 833 في دار الحكمة، التي أسسها الخليفة المأمون.
حيث طور فكره الرياضي وذلك بإيجاد نظم لتحليل كل من معادلات الدرجة الأولى والثانية ذات المجهول الواحد بطرق جبرية وهندسية، لذا يعتبر الجبر والمقابلة للخوارزمي هو أول محاولة منظمة لتطوير علم الجبر على أسس علمية منطقية. فعينه المأمون على رأس خزانة كتبه، وعهد إليه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها. وقد استفاد الخوارزمي من تلك الكتب وخاصة في الرياضيات، والجغرافية، والفلك، والتاريخ،هذا إضافةً إلى إحاطته بالمعارف اليونانية والهندية. وقد قام بنشر كل أعماله باللغة العربية، التي كانت لغة العلم في ذلك العصر. بدأ الخوارزمي كتابه (الجبر والمقابلة) بالبسملة. وتُجمع الموسوعات العلمية (كالموسوعة البريطانية وموسوعة مايكروسوفت إنكارتا وموسوعة جامعة كولومبيا وغيرها) على أنه عربي، في حين تشير مراجع أخرى إلى كونه فارسي الأصل. وفي الإصدار العام للموسوعة البريطانية تذكر أنه "عالِم مسلم" من دون تحديد قوميته.
مؤسس علم الجبر:
الخوارزمي مؤسس علم الجبر كعلم مستقل عن الحساب، وقد أخذه الأوربيون عنه. كما أنه أول من استعمل كلمة "الجبر" للعلم المعروف الآن بهذا الاسم. فلحد الآن ما زال الجبر يعرف باسمه العربي في جميع اللغات الأوربية. وترجع كل الكلمات التي تنتهي في اللغات الأوربية بـ "algorism/algorithme" إلى اسم الخوارزمي. وهو أول من ألف في الجبر, كما يرجع إليه الفضل في تعريف الناس بالأرقام الهندية (وهي التي تعرف بالأرقام العربية). ومن الإسهامات الهامة للخوارزمي في الرياضيات اكتشافه بعض القواعد وتطويرها، ومنها : قاعدة الخطأين، والطريقة الهندسية لحل المربعات المجهولة وهي التي تسمي اليوم باسم المعادلة من الدرجة الثانية، كما نشر الخوارزمي أول الجداول العربية عن المثلثات للجيوب والظلال، وقد ترجمت إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر. ولكن في سنة 1247هـ (1831م) عثر على نسخة باللغة العربية في مكتبة(بودلين) في اكسفورد في بريطانيا ونشرت بالحروف العربية في العام نفسه ليس فقط في أوروبا ولكن في العالم العربي والإسلامي.
لقد أوحى الخوارزمي بفكرة المحددة التي تعتبر من أهم موضوعات الجبر الحديث، ثم قام العالم الياباني (سيكي كاو) (1642 ـ 1708م) بتطويرها، وليس كما يدعي علماء الغرب من أن (ويلهم ليبنز) الألماني (1646 ـ 1716م) هو مبتكر المحددة، غير أن العالم الفرنسي (اوقستين لويس كوشي) (1789 ـ 1857م) عمم المحددة وطبقها على الحياة العلمية. إضافةً إلى إسهاماته الكبرى في الحساب، أبدع الخوارزمي في علم الفلك وأتى ببحوث جديدة في المثلثات، ووضع جداول فلكية (زيجاً). وقد كان لهذا الزيج الأثر الكبير على الجداول الأخرى التي وضعها العرب فيما بعد، إذ استعانوا به واعتمدوا عليه وأخذوا منه.
الخوارزمي كعالم رياضيات:
إبتكر الخوارزمي مفهوم الخوارزمية في الرياضيات و علم الحاسوب، (مما أعطاه لقب أبو علم الحاسوب) عند البعض بالاضافة لذلك، وأعمال الخوارزمي الكبيرة في مجال الرياضيات كانت نتيجة لابحاثه الخاصة، الا انه قد انجز الكثير في تجميع و تطوير المعلومات التي كانت موجودة مسبقا عند الأغريق و في الهند، فاعطاها طابعه الخاص من الالتزام بالمنطق. فبفضله يستخدم العالم الاعداد العربية التي غيرت و بشكل جذري مفهومنا عن الاعداد، كما انه قد ادخل مفهوم العدد صفر الذي بدأت فكرته في الصين ,فاصبحت انجازاته تعتبر عظيمة في الرياضيات ، و لعبت دورا كبيرا في تقدمها وكذا العلوم التي تعتمد عليها.
لقد استعمل الخوارزمي طريقة البنائية لإيجاد جذر المعادلة بكل نجاح، لذا فإن الخطأ بين موضوعين يعتبر من ابتكار الخوارزمي، وهذه الطريقة أدت دورًا مهمٌّا في التحليل العددي، وتعرف في اللغة الإنجليزية باسم False positions كما عرّف الخوارزمي الوحدة المستعملة في المساحات، واستخـــدم (التكسير) ويقصد بذلك المساحة، سواء كانت سطحية أو حجمية.كما تطرق إلى إيجاد مساحات بعض السطوح المستقيمة الأضلاع والأجسام، والدائرة، والقطعة، والهرم الثلاثي والرباعي، والمخروط، والكرة، واستعمل النسبة التقريبية وقيمتها ط = 8/22 أو 10 لذا فإن الخوارزمي قد أثرى علم الجبر باستعماله بعض الأفكار الجبرية لمعرفة المساحة. كان الخوارزمي يعرف أن هناك حالات يستحيل فيها إيجاد قيمة للمجهول (الكميات التخيلية) وسماها الحالة المستحيلة، وبقيت معروفة بهذا الاسم بين علماء الرياضيات حتى بدأ العالم السويسري المعروف ليونارد أويلر (1707 ـ 1783م) وعرف أويلر الكميات التخيلية بأنها الكمية التي إذا ضربت في نفسها كان الناتج مقدارًا سالبًا وأعطى كثيرًا من الأمثلة على هذا. ثم جاء العالم الألماني كارل قاوس (1777 ـ 1855م) فركز على دراسة الكميات التخيلية وخواصها وبلورها والجدير بالذكر أن الكميات التخيلية قادت في النهاية إلى معرفة التحليل المركب الذي يعتبر من أهم العلوم الرياضية في العصر الحديث.
الخوارزمي كفلكي وجغرافي:
صحح الخوارزمي ابحاث العالم الاغريقي بطليموس Ptolemy في الجغرافية، معتمدا على ابحاثه الخاصة. كما انه قد اشرف على عمل 70 جغرافيا لانجاز أول خريطة للعالم المعروف آنذاك.و من أشهر كتبه في الجغرافيا كتاب (صورة الأرض). عندما اصبحت ابحاثه معروفة في أوروبا بعد ترجمتها إلى اللاتينية، كان لها دور كبير في تقدم العلم في الغرب، عرف كتابه الخاص بالجبر اوروبا بهذا العلم و اصبح الكتاب الذي يدرس في الجامعات الاوروبية عن الرياضيات حتى القرن السادس عشر، كتب الخوارزمي ايضا عن الساعة، الإسطرلاب، و الساعة الشمسية.إضافةً إلى إسهاماته الكبرى في الحساب، أبدع الخوارزمي في علم الفلك وأتى ببحوث جديدة في المثلثات، ووضع جداول فلكية (زيجاً). وقد كان لهذا الزيج الأثر الكبير على الجداول الأخرى التي وضعها العرب فيما بعد، إذ استعانوا به واعتمدوا عليه وأخذوا منه .
كتبه ومؤلفاته:
ترك الخوارزمي عددا من المؤلفات منها:
كتاب الجبر كان أول كتبه عن الحل النظامي ’’للمعادلتان الخطية والتربيعية‘‘. كما هو واضح فهو يعد ’’أبا الجبر‘‘، لقب يشاطره فيه ’’ديوفانتوس‘‘. قدمت تراجم لاتينية لنظريته في علم الحساب، عن ’’الأعداد الهندية‘‘، ’’نظام الأرقام العشرية الوضعية‘‘ للغرب في القرن الثاني عشر. لم تصنع اسهاماته تأثيراً عظيماً في علوم الرياضيات فحسب، بل وللغة كذلك.حيث كلمة ألجبرا هي محرفة من الجبر، احدى العمليتان المستخدمتان في حل ’المعادلات الخطية‘، كما شرحها في كتابه. الكلمتان ’اللجرزم‘ و’اللجرثم‘ تنسبان إلى كلمة ’الجورتمي‘، النطق اللاتيني لاسمه. كما أن اسمه هو أصل الكلمة الأسبانية ’هوارزمو‘، والكلمة البرتغالية ’الوارزمو‘، واللتان تعنيان الرقم. وكتاب الزيج الأول، الزيج الثاني المعروف بالسند هند، كتاب الرخامة، كتاب العمل بالإسطرلاب و"كتاب عمل الأسطرلاب" ، كتاب الجبر والمقابلة الذي يعد الأول من نوعه، وقد ألفه بطلب من الخليفة المأمون لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين فيعين وحدة القياس والهندسة، ويقوم بأعمال تطبيقية تتناول مساحة بعض السطوح، ومساحة الدائرة، ومساحة قطعة الدائرة، وقد عين لذلك قيمة النسبة التقريبية ط فكانت 7/1 3 أو 7/22، وتوصل أيضاً إلى حساب بعض الأجسام، كالهرم الثلاثي، والهرم الرباعي والمخروط .وهذا الكتاب لم يؤد فقط إلى وضع لفظ الجبر وإعطائه مدلوله الحالي، بل إنه افتتح حقاً عصراً جديداً في الرياضيات. وقد ترجم إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر، وكانت هذه الترجمة هي التي أدخلت هذا العلم إلى الغرب. وظل هذا الكتاب قروناً عديدة مرجعاً في أوروبا. وقد حققه الأستاذان علي مصطفى مُشَرَّفَة ومحمد مرسي أحمد، ونشر أول مرة في القاهرة سنة 1939م. ـ "كتاب صورة الأرض"، وهو مخطوط موجود في ستراسبورغ بفرنسا، وقد ترجم إلى اللاتينية، وتمت مقارنة المعلومات الموجودة فيه بمعلومات بطليموس. ـ وغير ذلك.
خاتمة:
وخلاصة القول أن الخوارزمي يعد من أعظم العلماء في عصره، وقد كان له أعظم الفضل في تعريف العرب والأوربيين بنظام العدد الهندي. فهو واضع علم الجبر وواضع كثير من البحوث في الحساب والفلك والجغرافيا. وقد عبر ألدو مييلي عن عظمة الخوارزمي بقوله :" وقد افتتح الخوارزمي افتتاحاً باهراً سلسلة من الرياضيين العظام". وقد ظلت كتبه تدرس في الجامعات الأوربية حتى القرن السادس عشر. تعتبر انجازات الخوارزمي في الرياضيات عظيمة، و لعبت دورا كبيرا في تقدم الرياضيات و العلوم التي تعتمد عليها.
إن إنتاج علماء العرب والمسلمين الضخم في مجال العلوم الرياضية يوضح تمامًا المكانة العظيمة التي وصلت إليها الحضارة العربية والإسلامية، ولا شك أن لعلماء العرب والمسلمين في هذا الحقل أثرًا لا ينكر شأنه وقدره في قيام المدنية الحديثة التي ما كان لها أن تشب وتزدهر في بلاد الغرب لو لم تعتمد على أساس قوي من هذا التراث.
فتح علماء العرب والمسلمين في ميدان العلوم الرياضية بحنكة وذكاء خارقين قلوبهم وعقولهم لإنتاج الأمم السابقة لهم في هذا الحقل الحيوي، لذا تمكنوا وبجدارة مرموقة من صهر هذه الإسهامات مع إسهاماتهم في بوتقة واحدة ليقدموا للإنسانية حضارة عربية وإسلامية متكاملة.
ومما تجدر الإشارة إليه أن علماء العرب والمسلمين في العلوم الرياضية اعتمدوا على الملاحظة والقيام بالتجارب والقياسات فشككوا في الكثير من نظريات قدماء اليونان الخاطئة وعدلوها، وبذلك افتتحوا الطريقة العلمية الحديثة في التفكر والبحث لمعرفة النظريات الرياضية.
لقد ظهر في صدر الإسلام ـ في عصر الدولة العباسية ـ جمهرة من العلماء البارزين في العلوم الرياضية، ومنهم عالمنا (محمد بن موسى الخوارزمي).
التعريف بالشخصية العالمة:
هو محمد بن موسى (ابو جعفر)الخوارزمي القرطبلي عالم عراقي مسلم ، أصله من خوارزم ، عاصر المأمون, عاش في بغداد فيما بين 164 ـ 235 هجرية (850,780م) وتوفي ـ رحمه الله ـ هناك، وقد برز في زمن خلافة المأمون، ولمع في علم الرياضيات والفلك حتى عينه المأمون رئيسًا لبيت الحكمة فأصبح من العلماء الموثوق بهم,أقام في بغداد حيث ذاع اسمه وانتشر صيته بعدما برز في الفلك و الرياضيات.
نشأته:
حسب بعض الروايات فقد أنتقلت عائلته من مدينة خوارزم (والتي تسمى ’’خيوا‘‘ في العصر الحالي، في جمهورية أوزبكستان) إلى بغداد في العراق، والبعض ينسبه للعراق فقط. أنجز الخوارزمي معظم أبحاثه بين عامي 813 و 833 في دار الحكمة، التي أسسها الخليفة المأمون.
حيث طور فكره الرياضي وذلك بإيجاد نظم لتحليل كل من معادلات الدرجة الأولى والثانية ذات المجهول الواحد بطرق جبرية وهندسية، لذا يعتبر الجبر والمقابلة للخوارزمي هو أول محاولة منظمة لتطوير علم الجبر على أسس علمية منطقية. فعينه المأمون على رأس خزانة كتبه، وعهد إليه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها. وقد استفاد الخوارزمي من تلك الكتب وخاصة في الرياضيات، والجغرافية، والفلك، والتاريخ،هذا إضافةً إلى إحاطته بالمعارف اليونانية والهندية. وقد قام بنشر كل أعماله باللغة العربية، التي كانت لغة العلم في ذلك العصر. بدأ الخوارزمي كتابه (الجبر والمقابلة) بالبسملة. وتُجمع الموسوعات العلمية (كالموسوعة البريطانية وموسوعة مايكروسوفت إنكارتا وموسوعة جامعة كولومبيا وغيرها) على أنه عربي، في حين تشير مراجع أخرى إلى كونه فارسي الأصل. وفي الإصدار العام للموسوعة البريطانية تذكر أنه "عالِم مسلم" من دون تحديد قوميته.
مؤسس علم الجبر:
الخوارزمي مؤسس علم الجبر كعلم مستقل عن الحساب، وقد أخذه الأوربيون عنه. كما أنه أول من استعمل كلمة "الجبر" للعلم المعروف الآن بهذا الاسم. فلحد الآن ما زال الجبر يعرف باسمه العربي في جميع اللغات الأوربية. وترجع كل الكلمات التي تنتهي في اللغات الأوربية بـ "algorism/algorithme" إلى اسم الخوارزمي. وهو أول من ألف في الجبر, كما يرجع إليه الفضل في تعريف الناس بالأرقام الهندية (وهي التي تعرف بالأرقام العربية). ومن الإسهامات الهامة للخوارزمي في الرياضيات اكتشافه بعض القواعد وتطويرها، ومنها : قاعدة الخطأين، والطريقة الهندسية لحل المربعات المجهولة وهي التي تسمي اليوم باسم المعادلة من الدرجة الثانية، كما نشر الخوارزمي أول الجداول العربية عن المثلثات للجيوب والظلال، وقد ترجمت إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر. ولكن في سنة 1247هـ (1831م) عثر على نسخة باللغة العربية في مكتبة(بودلين) في اكسفورد في بريطانيا ونشرت بالحروف العربية في العام نفسه ليس فقط في أوروبا ولكن في العالم العربي والإسلامي.
لقد أوحى الخوارزمي بفكرة المحددة التي تعتبر من أهم موضوعات الجبر الحديث، ثم قام العالم الياباني (سيكي كاو) (1642 ـ 1708م) بتطويرها، وليس كما يدعي علماء الغرب من أن (ويلهم ليبنز) الألماني (1646 ـ 1716م) هو مبتكر المحددة، غير أن العالم الفرنسي (اوقستين لويس كوشي) (1789 ـ 1857م) عمم المحددة وطبقها على الحياة العلمية. إضافةً إلى إسهاماته الكبرى في الحساب، أبدع الخوارزمي في علم الفلك وأتى ببحوث جديدة في المثلثات، ووضع جداول فلكية (زيجاً). وقد كان لهذا الزيج الأثر الكبير على الجداول الأخرى التي وضعها العرب فيما بعد، إذ استعانوا به واعتمدوا عليه وأخذوا منه.
الخوارزمي كعالم رياضيات:
إبتكر الخوارزمي مفهوم الخوارزمية في الرياضيات و علم الحاسوب، (مما أعطاه لقب أبو علم الحاسوب) عند البعض بالاضافة لذلك، وأعمال الخوارزمي الكبيرة في مجال الرياضيات كانت نتيجة لابحاثه الخاصة، الا انه قد انجز الكثير في تجميع و تطوير المعلومات التي كانت موجودة مسبقا عند الأغريق و في الهند، فاعطاها طابعه الخاص من الالتزام بالمنطق. فبفضله يستخدم العالم الاعداد العربية التي غيرت و بشكل جذري مفهومنا عن الاعداد، كما انه قد ادخل مفهوم العدد صفر الذي بدأت فكرته في الصين ,فاصبحت انجازاته تعتبر عظيمة في الرياضيات ، و لعبت دورا كبيرا في تقدمها وكذا العلوم التي تعتمد عليها.
لقد استعمل الخوارزمي طريقة البنائية لإيجاد جذر المعادلة بكل نجاح، لذا فإن الخطأ بين موضوعين يعتبر من ابتكار الخوارزمي، وهذه الطريقة أدت دورًا مهمٌّا في التحليل العددي، وتعرف في اللغة الإنجليزية باسم False positions كما عرّف الخوارزمي الوحدة المستعملة في المساحات، واستخـــدم (التكسير) ويقصد بذلك المساحة، سواء كانت سطحية أو حجمية.كما تطرق إلى إيجاد مساحات بعض السطوح المستقيمة الأضلاع والأجسام، والدائرة، والقطعة، والهرم الثلاثي والرباعي، والمخروط، والكرة، واستعمل النسبة التقريبية وقيمتها ط = 8/22 أو 10 لذا فإن الخوارزمي قد أثرى علم الجبر باستعماله بعض الأفكار الجبرية لمعرفة المساحة. كان الخوارزمي يعرف أن هناك حالات يستحيل فيها إيجاد قيمة للمجهول (الكميات التخيلية) وسماها الحالة المستحيلة، وبقيت معروفة بهذا الاسم بين علماء الرياضيات حتى بدأ العالم السويسري المعروف ليونارد أويلر (1707 ـ 1783م) وعرف أويلر الكميات التخيلية بأنها الكمية التي إذا ضربت في نفسها كان الناتج مقدارًا سالبًا وأعطى كثيرًا من الأمثلة على هذا. ثم جاء العالم الألماني كارل قاوس (1777 ـ 1855م) فركز على دراسة الكميات التخيلية وخواصها وبلورها والجدير بالذكر أن الكميات التخيلية قادت في النهاية إلى معرفة التحليل المركب الذي يعتبر من أهم العلوم الرياضية في العصر الحديث.
الخوارزمي كفلكي وجغرافي:
صحح الخوارزمي ابحاث العالم الاغريقي بطليموس Ptolemy في الجغرافية، معتمدا على ابحاثه الخاصة. كما انه قد اشرف على عمل 70 جغرافيا لانجاز أول خريطة للعالم المعروف آنذاك.و من أشهر كتبه في الجغرافيا كتاب (صورة الأرض). عندما اصبحت ابحاثه معروفة في أوروبا بعد ترجمتها إلى اللاتينية، كان لها دور كبير في تقدم العلم في الغرب، عرف كتابه الخاص بالجبر اوروبا بهذا العلم و اصبح الكتاب الذي يدرس في الجامعات الاوروبية عن الرياضيات حتى القرن السادس عشر، كتب الخوارزمي ايضا عن الساعة، الإسطرلاب، و الساعة الشمسية.إضافةً إلى إسهاماته الكبرى في الحساب، أبدع الخوارزمي في علم الفلك وأتى ببحوث جديدة في المثلثات، ووضع جداول فلكية (زيجاً). وقد كان لهذا الزيج الأثر الكبير على الجداول الأخرى التي وضعها العرب فيما بعد، إذ استعانوا به واعتمدوا عليه وأخذوا منه .
كتبه ومؤلفاته:
ترك الخوارزمي عددا من المؤلفات منها:
كتاب الجبر كان أول كتبه عن الحل النظامي ’’للمعادلتان الخطية والتربيعية‘‘. كما هو واضح فهو يعد ’’أبا الجبر‘‘، لقب يشاطره فيه ’’ديوفانتوس‘‘. قدمت تراجم لاتينية لنظريته في علم الحساب، عن ’’الأعداد الهندية‘‘، ’’نظام الأرقام العشرية الوضعية‘‘ للغرب في القرن الثاني عشر. لم تصنع اسهاماته تأثيراً عظيماً في علوم الرياضيات فحسب، بل وللغة كذلك.حيث كلمة ألجبرا هي محرفة من الجبر، احدى العمليتان المستخدمتان في حل ’المعادلات الخطية‘، كما شرحها في كتابه. الكلمتان ’اللجرزم‘ و’اللجرثم‘ تنسبان إلى كلمة ’الجورتمي‘، النطق اللاتيني لاسمه. كما أن اسمه هو أصل الكلمة الأسبانية ’هوارزمو‘، والكلمة البرتغالية ’الوارزمو‘، واللتان تعنيان الرقم. وكتاب الزيج الأول، الزيج الثاني المعروف بالسند هند، كتاب الرخامة، كتاب العمل بالإسطرلاب و"كتاب عمل الأسطرلاب" ، كتاب الجبر والمقابلة الذي يعد الأول من نوعه، وقد ألفه بطلب من الخليفة المأمون لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين فيعين وحدة القياس والهندسة، ويقوم بأعمال تطبيقية تتناول مساحة بعض السطوح، ومساحة الدائرة، ومساحة قطعة الدائرة، وقد عين لذلك قيمة النسبة التقريبية ط فكانت 7/1 3 أو 7/22، وتوصل أيضاً إلى حساب بعض الأجسام، كالهرم الثلاثي، والهرم الرباعي والمخروط .وهذا الكتاب لم يؤد فقط إلى وضع لفظ الجبر وإعطائه مدلوله الحالي، بل إنه افتتح حقاً عصراً جديداً في الرياضيات. وقد ترجم إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر، وكانت هذه الترجمة هي التي أدخلت هذا العلم إلى الغرب. وظل هذا الكتاب قروناً عديدة مرجعاً في أوروبا. وقد حققه الأستاذان علي مصطفى مُشَرَّفَة ومحمد مرسي أحمد، ونشر أول مرة في القاهرة سنة 1939م. ـ "كتاب صورة الأرض"، وهو مخطوط موجود في ستراسبورغ بفرنسا، وقد ترجم إلى اللاتينية، وتمت مقارنة المعلومات الموجودة فيه بمعلومات بطليموس. ـ وغير ذلك.
خاتمة:
وخلاصة القول أن الخوارزمي يعد من أعظم العلماء في عصره، وقد كان له أعظم الفضل في تعريف العرب والأوربيين بنظام العدد الهندي. فهو واضع علم الجبر وواضع كثير من البحوث في الحساب والفلك والجغرافيا. وقد عبر ألدو مييلي عن عظمة الخوارزمي بقوله :" وقد افتتح الخوارزمي افتتاحاً باهراً سلسلة من الرياضيين العظام". وقد ظلت كتبه تدرس في الجامعات الأوربية حتى القرن السادس عشر. تعتبر انجازات الخوارزمي في الرياضيات عظيمة، و لعبت دورا كبيرا في تقدم الرياضيات و العلوم التي تعتمد عليها.