فيديوهات صادمة توثق جرائمه وتعجل برحيله
مبارك.. من التعذيب في السجون إلى القتل في الشوارع
مئات المصريين سقطوا شهداء إما قنصا أو دهسا في الشوارع
لا شك أن أحد أسباب عدم تراجع الشباب المصري في ميدان التحرير عن ثورتهم هو دماء الشهداء التي سالت من أجلها، فوفق آخر الإحصائيات فإن عدد الشهداء الذين سقطوا منذ بداية التظاهر يزيد عن 500 شاب وفتاة وهو الأمر الذي زاد من احتقان الشارع وغليانه، إضافة إلى الهروب العديد من ضباط الشرطه وانسحابهم من الشوارع خوفا من انتقام المواطنين،
* ومما زاد الأمر تعقيدا ظهور فيديوهات قام المواطنون بتصويرها لتكشف ما حجم بلطجة وبطش الشرطة والأجهزة الأمنية بالمواطنين، ففي العهد البائن لمبارك ظهرت فيديوهات قام الضباط والعساكر بتصويرها من الهواتف المحمولة لعمليات تعذيب كانت تحدث داخل مقرات أمن الدولة وأقسام الشرطة، ولعل أبرزها فيديو المواطن عماد الكبير الذي تم الاعتداء عليه جنسيا بوضع عصا في فتحة شرجه، وكان لهذا الفيديو مردودا قويا في الشارع، وتم محاكمة الضابط المسؤول عن هذا الأمر والمدعو إسلام نبيل وتم إصدار حكم بسجنه 3 سنوات، لكنه قضى تلك الفترة في بيته وليس في السجن بسبب أن والده مدير للأمن في إحدى محافظات مصر بالاضافة إلى العديد من الفيديوهات التي تفضح أساليب النظام.
* من التعذيب إلى القتل
* وبرزت في الوقت الحالي فيديوهات تؤكد مدى الوحشية التي تطورت في نظام مبارك من التعذيب إلى القتل، فنشر مؤخرا مشاهد لإحدى سيارات الأمن المركزي وهي تتوجه مسرعة في ميدان سفنكس بالمهندسين في القاهرة لتدهس مجموعة من المواطنين والمتظاهرين لتتطاير أجسادهم عشرات الأمتار، ومشاهد أخرى مشابهة لسيارة إطفاء الحريق في محافظة دمنهور وهي تسرع لتفريق المتظاهرين وتدهس ما يقرب خمسة أفراد، وكذلك مشاهد لسيارة تحمل أرقاما دبلوماسية تسرع في شارع القصر العيني القريب من التحرير لتصطدم بأجساد المواطنين المتوجهين إلى قلب الميدان، ذلك فضلا عن نشر فيديوهات أخرى لضباط وجنود وهم يطلقون النار الحي على المتظاهرين، ولعل أبرزها الفيديو الذي نشرته الجزيرة مؤخرا لأحد الجنود في حي المنشية بالإسكندرية وهو يطلق النار على صدر شاب يتوجه نحوه منفردا وهو أعزل.
* لكن المشكلة الأكبر والتي لا يمكن محوها من ذاكرة المصريين هي مشاهدة تلك المشاهد بالعين المجردة وعلى أرض الواقع بعيدا عن وسائل الإعلام، فقد شاهدت بنفسي سيارة للأمن المركزي وهي تدهس المواطنين فوق كوبري قصر النيل يوم جمعة الغضب 28 جانفي الماضي بعد أن حاول الأمن المركزي تفريقهم بخراطيم المياة وهم يؤدون صلاة العصر لكن المتظاهرين استمروا في صلاتهم رغم المياه فتوجهت سيارة من الأمن المركزي لتدهسهم وهم ساجدين.
* لم يبق سوى ذراعه
* في الوقف ذاته حدث مع هشام محمد، أحد النشطاء، في حديثه لـ "الشروق" أثناء اعتصامه في ميدان التحرير: فقبل يوم جمعة الغضب توجهت أنا ومجموعة من الشباب نحو وزارة الداخلية بعد علمنا بأن هناك إطلاق رصاص حي على المتظاهرين حولها، وأثناء توجهي أنا وصديق لي يدعى إبراهيم خليل شاهدنا إطلاق النار في الشارع بشكل كثيف من قبل جنود يختبئون خلف مجنزرة لدى الأمن المركزي، فانبطحت أنا وصديقي على أرضية الشارع تفاديا للرصاص فتوجهت المجنزرة نحونا بسرعة فدهست ساقي ودهست صديقي حتى أنني لم أر منه سوى ذراعه.
* ويضيف هشام: ماذا ينتظر مني النظام بعد كل ما رأيته ومقتل أحد أصدقائي بجواري ودهسه، لكن كل هذه الدماء ستظل في رقبة مبارك وجنوده وتعهدت بأن لا أرحم أي ضابط شرطة أو جندي بعد هذا اليوم، فدماء أصدقائي وبقية المصريين لن تذهب هدرا.
* الخوف من الانتقام
* وبمحاولة الحديث مع أحد ضباط المرور الذين بدأوا يتواجدون بالشوارع، حيث ورفض ذكر اسمه لـ الشروق: إن الجنود بدأوا يتمردون على عملهم بسبب تعاطفهم مع المتظاهرين والبعض الآخر يخشى بطش المواطنين بهم.
* وأضاف: نحن الآن نعمل في ظروف صعبة بعد "الثورة" خاصة أن قلة من المواطنين يقابلوننا بالترحيب والغالبية ينظرون إلينا بازدراء وغضب وهناك من يبصق علينا أثناء سيره وهناك من يحاول التعدي علينا. فوزير الداخلية هو المسؤول عن توتر العلاقة بيننا وبين المواطنين.
* جيل إرهابي
* لا شك أن مثل هذا الدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية سيخلق جيلا أكثر عنفا وإرهابا، فقد حول النظام نفسية المواطنين نحو الانتقام وهو الأمر الذي يؤكده الدكتور أحمد عكاشة - رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي - في تصريحه لـ الشروق: إن انتشار مثل تلك الجرائم التي يقوم بها الأمن يخلق لدى الشباب اضطرابات نفسية شديدة تجعل الكثير من بينهم يصبح أكثر دموية وعنف ووحشية، ولا شك أن تعامل الأمن مع المتظاهرين بعنف حول المظاهرات من سلمية إلى عنيفة، وعدم السماح للمتظاهرين بالتعبير عن معاناتهم قد يكون له رد فعل عنيف جدا من الشعب.
* وأكد عكاشة أن سقوط الشهداء أمام المواطنين وانتشار مشاهد العنف والدهس أمام المتظاهرين سيخلق جيلا بأكمله أكثر عنفا وإرهابا، ولن يستطيع الأمن السيطرة عليه، خاصة أنه سيكون لدى الشباب حمية الانتقام من رجال الشرطة.
* جرائم لا تسقط بالتقادم
* أما من الناحية القانونية فقد دعا حافظ أبو سعدة -رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان- كافة المنظمات الحقوقية إلى توثيق جرائم الأمن ضد المتظاهرين بكافة أشكاله سواء قتل أو إصابة أو دهس أو ما شابه ذلك، مشيرا إلى أن المنظمة المصرية تقوم الآن بعدم حصر للشهداء والمصابين وملابسات وفاتهم أو إصابتهم لملاحقة الجناة قضائيا ومحاكمتهم على تلك الجرائم.
* وقال أبو سعدة في تصريح لـ الشروق: يجب تقديم الوزير حبيب العادلي وكافة معاونيه لحبل المشنقة، حيث محاكمتهم قضائيا على تلك الجرائم التي اقترفوها في حق الشعب المصري، مؤكدا أن مثل تلك الجرائم من قتل وتعذيب لا تسقط بالتقادم وأن انتشار فيديوهات الدهس والقتل المتعمد من قبل رجال الشرطة هو خير توثيق لتلك الجرائم، وأن المحاكمة لن يفلت منها أحد.
مبارك.. من التعذيب في السجون إلى القتل في الشوارع
مئات المصريين سقطوا شهداء إما قنصا أو دهسا في الشوارع
لا شك أن أحد أسباب عدم تراجع الشباب المصري في ميدان التحرير عن ثورتهم هو دماء الشهداء التي سالت من أجلها، فوفق آخر الإحصائيات فإن عدد الشهداء الذين سقطوا منذ بداية التظاهر يزيد عن 500 شاب وفتاة وهو الأمر الذي زاد من احتقان الشارع وغليانه، إضافة إلى الهروب العديد من ضباط الشرطه وانسحابهم من الشوارع خوفا من انتقام المواطنين،
* ومما زاد الأمر تعقيدا ظهور فيديوهات قام المواطنون بتصويرها لتكشف ما حجم بلطجة وبطش الشرطة والأجهزة الأمنية بالمواطنين، ففي العهد البائن لمبارك ظهرت فيديوهات قام الضباط والعساكر بتصويرها من الهواتف المحمولة لعمليات تعذيب كانت تحدث داخل مقرات أمن الدولة وأقسام الشرطة، ولعل أبرزها فيديو المواطن عماد الكبير الذي تم الاعتداء عليه جنسيا بوضع عصا في فتحة شرجه، وكان لهذا الفيديو مردودا قويا في الشارع، وتم محاكمة الضابط المسؤول عن هذا الأمر والمدعو إسلام نبيل وتم إصدار حكم بسجنه 3 سنوات، لكنه قضى تلك الفترة في بيته وليس في السجن بسبب أن والده مدير للأمن في إحدى محافظات مصر بالاضافة إلى العديد من الفيديوهات التي تفضح أساليب النظام.
* من التعذيب إلى القتل
* وبرزت في الوقت الحالي فيديوهات تؤكد مدى الوحشية التي تطورت في نظام مبارك من التعذيب إلى القتل، فنشر مؤخرا مشاهد لإحدى سيارات الأمن المركزي وهي تتوجه مسرعة في ميدان سفنكس بالمهندسين في القاهرة لتدهس مجموعة من المواطنين والمتظاهرين لتتطاير أجسادهم عشرات الأمتار، ومشاهد أخرى مشابهة لسيارة إطفاء الحريق في محافظة دمنهور وهي تسرع لتفريق المتظاهرين وتدهس ما يقرب خمسة أفراد، وكذلك مشاهد لسيارة تحمل أرقاما دبلوماسية تسرع في شارع القصر العيني القريب من التحرير لتصطدم بأجساد المواطنين المتوجهين إلى قلب الميدان، ذلك فضلا عن نشر فيديوهات أخرى لضباط وجنود وهم يطلقون النار الحي على المتظاهرين، ولعل أبرزها الفيديو الذي نشرته الجزيرة مؤخرا لأحد الجنود في حي المنشية بالإسكندرية وهو يطلق النار على صدر شاب يتوجه نحوه منفردا وهو أعزل.
* لكن المشكلة الأكبر والتي لا يمكن محوها من ذاكرة المصريين هي مشاهدة تلك المشاهد بالعين المجردة وعلى أرض الواقع بعيدا عن وسائل الإعلام، فقد شاهدت بنفسي سيارة للأمن المركزي وهي تدهس المواطنين فوق كوبري قصر النيل يوم جمعة الغضب 28 جانفي الماضي بعد أن حاول الأمن المركزي تفريقهم بخراطيم المياة وهم يؤدون صلاة العصر لكن المتظاهرين استمروا في صلاتهم رغم المياه فتوجهت سيارة من الأمن المركزي لتدهسهم وهم ساجدين.
* لم يبق سوى ذراعه
* في الوقف ذاته حدث مع هشام محمد، أحد النشطاء، في حديثه لـ "الشروق" أثناء اعتصامه في ميدان التحرير: فقبل يوم جمعة الغضب توجهت أنا ومجموعة من الشباب نحو وزارة الداخلية بعد علمنا بأن هناك إطلاق رصاص حي على المتظاهرين حولها، وأثناء توجهي أنا وصديق لي يدعى إبراهيم خليل شاهدنا إطلاق النار في الشارع بشكل كثيف من قبل جنود يختبئون خلف مجنزرة لدى الأمن المركزي، فانبطحت أنا وصديقي على أرضية الشارع تفاديا للرصاص فتوجهت المجنزرة نحونا بسرعة فدهست ساقي ودهست صديقي حتى أنني لم أر منه سوى ذراعه.
* ويضيف هشام: ماذا ينتظر مني النظام بعد كل ما رأيته ومقتل أحد أصدقائي بجواري ودهسه، لكن كل هذه الدماء ستظل في رقبة مبارك وجنوده وتعهدت بأن لا أرحم أي ضابط شرطة أو جندي بعد هذا اليوم، فدماء أصدقائي وبقية المصريين لن تذهب هدرا.
* الخوف من الانتقام
* وبمحاولة الحديث مع أحد ضباط المرور الذين بدأوا يتواجدون بالشوارع، حيث ورفض ذكر اسمه لـ الشروق: إن الجنود بدأوا يتمردون على عملهم بسبب تعاطفهم مع المتظاهرين والبعض الآخر يخشى بطش المواطنين بهم.
* وأضاف: نحن الآن نعمل في ظروف صعبة بعد "الثورة" خاصة أن قلة من المواطنين يقابلوننا بالترحيب والغالبية ينظرون إلينا بازدراء وغضب وهناك من يبصق علينا أثناء سيره وهناك من يحاول التعدي علينا. فوزير الداخلية هو المسؤول عن توتر العلاقة بيننا وبين المواطنين.
* جيل إرهابي
* لا شك أن مثل هذا الدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية سيخلق جيلا أكثر عنفا وإرهابا، فقد حول النظام نفسية المواطنين نحو الانتقام وهو الأمر الذي يؤكده الدكتور أحمد عكاشة - رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي - في تصريحه لـ الشروق: إن انتشار مثل تلك الجرائم التي يقوم بها الأمن يخلق لدى الشباب اضطرابات نفسية شديدة تجعل الكثير من بينهم يصبح أكثر دموية وعنف ووحشية، ولا شك أن تعامل الأمن مع المتظاهرين بعنف حول المظاهرات من سلمية إلى عنيفة، وعدم السماح للمتظاهرين بالتعبير عن معاناتهم قد يكون له رد فعل عنيف جدا من الشعب.
* وأكد عكاشة أن سقوط الشهداء أمام المواطنين وانتشار مشاهد العنف والدهس أمام المتظاهرين سيخلق جيلا بأكمله أكثر عنفا وإرهابا، ولن يستطيع الأمن السيطرة عليه، خاصة أنه سيكون لدى الشباب حمية الانتقام من رجال الشرطة.
* جرائم لا تسقط بالتقادم
* أما من الناحية القانونية فقد دعا حافظ أبو سعدة -رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان- كافة المنظمات الحقوقية إلى توثيق جرائم الأمن ضد المتظاهرين بكافة أشكاله سواء قتل أو إصابة أو دهس أو ما شابه ذلك، مشيرا إلى أن المنظمة المصرية تقوم الآن بعدم حصر للشهداء والمصابين وملابسات وفاتهم أو إصابتهم لملاحقة الجناة قضائيا ومحاكمتهم على تلك الجرائم.
* وقال أبو سعدة في تصريح لـ الشروق: يجب تقديم الوزير حبيب العادلي وكافة معاونيه لحبل المشنقة، حيث محاكمتهم قضائيا على تلك الجرائم التي اقترفوها في حق الشعب المصري، مؤكدا أن مثل تلك الجرائم من قتل وتعذيب لا تسقط بالتقادم وأن انتشار فيديوهات الدهس والقتل المتعمد من قبل رجال الشرطة هو خير توثيق لتلك الجرائم، وأن المحاكمة لن يفلت منها أحد.
منقول من جريدة الشروق