مدينة ستراسبورغ الفرنسية تكرم ذكرى شارل غيرهارد مخترع الاسبيرين الذي اكتنفه النسيان بعد مرور 150 على اكتشافه.
بعد قرن ونصف القرن على اختراع الاسبيرين الذي شكل ثورة على صعيد الادوية، تكرم جامعة لوي باستور في ستراسبورغ (شرق فرنسا) هذا الاسبوع مخترعه المنسي عالم الكيمياء الفرنسي شارل فريدريك غيرهارد.
وقال جان ماري فيتير رئيس قسم التاريخ في كلية الطب في ستراسبورغ ان "غيرهارد هو مخترع جزيئة الاسبرين. فهو كان اول من ركب حمض اسيتيل الساليسيليك بصيغته الثابتة والذي عرف فيما بعد بالاسبرين".
وان كانت مجموعة باير الالمانية للادوية الذي سجلت عام 1899 دواء الاسبرين تعتبر بصورة عامة مبتكرة هذا "الدواء الاكثر شعبية في الازمنة الحديثة"، الا ان عالم الكيمياء فيليكس هوفمان الذي عمل عليه في الشركة انطلق في الواقع من النتائج التي توصل اليها غيرهارد لينتج صيغة اقل كلفة واكثر سهولة في التصنيع.
وقال جان ايف بابست الاستاذ في كلية الصيدلة ان "هوفمان استخدم ما انجزه غيرهارد، فحسن عملية التركيب واكتشف الخصائص العلاجية. اما غيرهارد، فاكتنفه النسيان".
واوضح فيتر ان "غيرهارد غير معروف اطلاقا، كما انه لم يتم الاقرار بمساهمته العلمية ولم يتقاض حقوقا"، وهذا يعود بنظره الى كونه لم يهتم باكتشاف فوائد اختراعه.
فان كان العالم يعرف جيدا حسنات حمض الساليسيليك الخاص بشجرة الصفصاف والذي سبق ان استخدمه ابوقراط قبل اربعة قرون من الميلاد كمسكن للألم، الا انه لم يتبحر في خصائص حمض اسيتيل الساليسيليك الذي قامت شركة باير بتحديد خصائصه المضادة للالتهابات والالم.
وبات هذا الدواء الذي يتم انتاج 50 الف طن منه سنويا في العالم بحسب المختبر الالماني، مستخدما حتى في طب القلب، وتؤكد بعض الدراسات فاعليته في الوقاية حتى من سرطان القولون، وهي احتمالات لم تخطر لغيرهارد عام 1853.
وبمعزل عن تجاهل هذا العالم البارع الذي عملت الاوساط العلمية في عصره على "تهميشه"، فان "حياته الصاخبة" قد تكون ساهمت ايضا في منعه من ادراك الشهرة.
ولد غيرهارد في ستراسبورغ عام 1816. وفي حين دفعته عائلته الى اتمام دروس تجارية، انكب سرا على دراسة الكيمياء واصبح استاذا في جامعة مونبولييه (جنوب).
غير انه اصيب بخيبة في حياته المهنية عام 1848 حين ابعد من منصب في باريس كان يطمح له لاسباب تعود بصورة خاصة الى مواقفه السياسية وخصوماته العلمية.
واختصر بابست الوضع قائلا "كان عالم كيمياء شابا طموحا وسريع الغضب، جمهوريا متحمسا ويهوى النساء".
قرر بعد ذلك مغادرة مونبولييه فعاد الى ستراسبورغ فعلم في مدينته الكيمياء في مدرسة الصيدلة وكلية العلوم حيث خلف لوي باستور.
وهناك توصل قبل 150 عاما الى تركيب حمض اسيتيل الساليسيليك قبل ان يقضي بعد ثلاث سنوات في سن الاربعين اثر اصابته بالتهاب حاد في غشاء المعدة.